إعداد المهندس: الياس عزيز الخوري
حدثت في إيرلندا في الأعوام 1845 1852 – مجاعة سميت مجاعة إيرلندا الكبرى أو مجاعة البطاطا الإيرلندية وكانت سببا في وفاة مليون إنسان والسبب الرئيسي في حدوث هذه المجاعة كان مرض اللفحة المتأخرة التي اتلفت محاصيل البطاطا في انحاء أوروبا.
يعتبر مرض اللفحة المتأخرة على البطاطا المتسبب عن فطر فيتوفثورا إنفستنس Phytophthora infestans وهو من أكثر الأمراض خطورة من حيث تأثيره المدمر على المحصول وكذلك من حيث صعوبة مكافحته، لذلك سوف نقوم باستعراض أهم الإجراءات الوقائية والعلاجية المتبعة للوصول بالمحصول إلى بر الأمان بأقل الخسائر.
إن الفطر المسبب لمرض اللفحة المتأخرة يفضل الظروف الجوية الباردة – الرطبة، وتكون درجة الحرارة المثلى لتشكل الأبواغ هي 12 – 18 درجة مئوية مع جو مشبع أو شبه مشبع بالرطوبة الجوية، بينما يكون معدل نمو الآفة مثالي في درجات حرارة تتراوح بين 20 – 24 درجة مئوية. ولذلك يلعب الطقس الذي هو خارج عن إرادتنا دوًرا حاسمًا في بداية العدوى وتطورها. ومع ذلك، يمكن لمزارع البطاطا اتخاذ سلسلة من الإجراءات للحد من الإصابة. ففي السنوات التي تكون فيها الظروف الجوية مواتية لانتشار المرض) ربيع رطب (قد يكون الرش الأول ضروريًا قبل تشابك النباتات بحيث يبدأ رش مبيدات الفطريات من 7 إلى 12 يومًا قبل ظهور اللفحة المتأخرة في قطعة الأرض. علاوة على ذلك، من الضروري لتحقيق الكفاءة الاقتصادية للعاج أن يتم تعديل اختيار المبيد وفقًا لضغط العدوى.
وعلى عكس الكثير من العوامل الممرضة فإن p.infestans لا يعيش طويلاً بمعزل عن مضيفه؛ فهو يقتل بشكل سريع خال الصقيع أوالجو الحار، والاستثناء الوحيد هو بقاؤه في الدرنات التي تبقى في الأرض بعد الحصاد.
وبذلك تتجلى خطورته في أن أبواغ الفطر تكون في حالة سبات على الدرنات المصابة بشكل غير مرئي وعند نمو هذه الدرنات تتمدد الأبواغ إلى الساق فتحدث الإصابة الأولية. أما الطريقة الأخرى للإصابة الأولية تحدث عند ارتفاع رطوبة التربة حيث تتطور الأبواغ على الدرنات المريضة وتنتشر عبر مياه التربة لتصل إلى سيقان نباتات سليمة.
نوع التربة أيضًا يؤثر بشكل غير مباشر على تقدم المرض حيث تصرّف الترب الخفيفة المياه بشكل أسرع وبالتالي فإن خطر الإصابة المبكرة والثقيلة أقل بكثير من خطر الإصابة بالترب الطينية.
أما الإصابة الثانوية (على الأوراق) تحدث عند انتشار الأبواغ مع الرياح أو مع رذاذ المطر، والذي يقرر شدة الإصابة الثانوية هو الطقس) الطقس الأمثل: 4 ساعات على الأقل من الأوراق الرطبة و15 – 20 درجة مئوية (يمكن تقسيم الإجراءات المتبعة لإدارة مرض اللفحة المتأخرة إلى قسمين: إجراءات وقائية وإجراءات علاجية.
من أهم الإجراءات الوقائية المتبعة:
١- التدخل باستخدام المبيد الوقائي المناسب في حال كانت الظروف الجوية مواتية لانتشار المرض.
٢- إزالة درنات وبقايا المحصول السابق بشكل كامل عند تكرار زراعة محصول البطاطا في نفس الحقل.
٣- تعقيم البذار قبل الزراعة وهنا يجب توضيح نقطة مهمة وهي أن استخدام بعض أنواع المبيدات للتعقيم وخصوصا في العروة الربيعية) بسبب انخفاض درجات الحرارة خال فترة الزراعة (قد يؤدي إلى تبويض الدرنات بشكل مبكر قبل الإنبات مما قد يسبب خسارة كبيرة بالمحصول.وتعتمد نسبة الضرر على درجة الحرارة خال فترة الزراعة، حيث انه كلما انخفضت درجات الحرارة كلما زاد الضرر ولذلك من الضروري استشارة فني زراعي عندما يراد تعقيم درنات البطاطا قبل
الزراعة.
أهم الإجراءات العلاجية:
فهي تشمل التدخل باستخدام أحد المبيدات الفطرية المتخصصة
وهنا يجب الانتباه إلى ثلاثة أمور مهمة:
١- آلية عمل المبيد.
٢- آلية انتقال المبيد داخل النبات.
٣- اختيار المبيد المناسب للمرض، حيث أن لكل مبيد نقاط قوة ونقاط ضعف ولذلك يجب استغلال نقاط القوة لكل مبيد بشكل مناسب، إن الهدف الأول من العاج بمبيدات الفطريات هو تقليل نمو الفطر من الدرنة عبر ساق البطاطا.
يمكن تقسيم مراحل العلاج إلى ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: في الترب الثقيلة، يجب أن يبدأ الرش بشكل أساسي بمبيدات تحوي على المواد الفعالة التالية: بروباموكارب هيدروكلورايد Propamocarb hydrochloride أو مفينوكسام mefenoxam أو كيرالاكسيل Kiralaxyl أو بينالاكسيل .Benalaxyl تتميز هذه المبيدات بأنها ذات جهازيه عالية تسمح لها بالتحرك داخل أوعية النبات لتقضي على الأبواغ الموجودة في الساق والدرنات. إذا استمرت الظروف الجوية لصالح المرض يجب التدخل بإحدى المبيدات السابقة للمرة الثانية مع الانتباه إلى عدم استخدام المبيد نفسه للمرة الثانية بسبب خطر تشكل عزلات مقاومة للمرض.
أما في الترب الخفيفة وفي سنوات الربيع الجاف، يكفي استخدام مبيد تلامسي مثل مبيد مانكوزيب mancozeb أو ميترام .Metiram المرحلة الثانية: في هذه المرحلة، تنمو قمم البطاطا بسرعة كبيرة بحيث تزداد مساحة الأوراق غير المحمية بشكل ملحوظ، مع ارتفاع ضغط اللفحة المتأخرة، يكون خطر الإصابة بالعدوى على الأوراق غير المحمية مرتفعًا بشكل خاص. في ظل هذه الظروف، يوصى باستخدام مبيدات الفطريات الجهازية الموضعية أو الجزئية مثل مبيد سيموكسانيل .Cymoxanil تخترق هذه المبيدات الأوراق ويمكنها حماية الأوراق الجديدة، إلى حد ما يعتمد التأثير على الحالة هل الفطر قد اخترق الأنسجة بالفعل أم لا (تأثير وقائي وعلاجي).
المرحلة الثالثة: بمجرد أن تتوقف قمم البطاطا عن النمو وتتحول الأوراق السفلية إلى اللون الأصفر، فإن حماية الدرنات من اللفحة المتأخرة أمر مهم. إذا كان هناك إصابة متأخرة مرئية، فمن المستحسن استخدام مبيدات الفطريات ذات التأثير القاتل للجراثيم) مبيدات الفطريات المحتوية على فلوزينام Fluazinam أو سيازوفاميد .Cyazofamid
بشكل أساسي في حال عدم وجود إصابة لا يزال هناك فائدة من الرش الأخير بأحد هذين المبيدين للفطريات حيث يتم إنتاج أبواغ فيتوفثورا ما دامت قمم البطاطا الخضراء موجودة وتنتقل من خلال الرياح والندى وقطرات المطر لتصل إلى التربة وتبقى معدية لمدة ثلاثة أسابيع تقريبًا.
يحدث أكبر خطر للإصابة بعدوى الدرنات (اللفحة المتأخرة) أثناء القلع وسبب ذلك أنه من أجل نجاح العدوى يجب أن تتلامس الأبواغ مباشرة مع الدرنات مما يسهل دخول الأبواغ إلى داخل الدرنات ولتوفير أفضل حماية ممكنة ضد اللفحة المتأخرة أثناء القلع يجب الجمع بين التدخل باستخدام المبيدات المشار إليها بالمرحلة الثالثة مع قتل قمم البطاطا بالطرق الكيميائية، قبل حوالي ثلاثة أسابيع من القلع.
في النهاية لا بد من ذكر بعض الجزئيات التي يجب على المزارع عدم تجاهلها أثناء العاج منها حجم سائل الرش والذي يجب أن يتراوح بين 300 – 500 لتر ماء وذلك حسب مرحلة نمو النبات وتشابك الخطوط.
وكذلك وقت الرش من اليوم حيث أن المواد الفعالة الجهازية يجب أن يمتصها النبات بنشاط. نباتات البطاطا التي تعاني من الإجهاد الحراري أو الجفاف غير قادرة على القيام بذلك ولهذا يجب استخدام مبيدات الفطريات خال ساعات الصباح الباكر.
